أهم الأنباءتقارير إخباريةفلسطين

الاعتقال السياسي يتصاعد بالضفة الغربية في أعقاب انتخابات الطلبة

تصاعدت وتيرة الاعتقالات السياسية بالضفة الغربية في أعقاب انتخابات مجالس الطلبة في جامعات الضفة، التي نظمت بين مارس/ آذار ومايو/ أيار الماضي، في جامعات الخليل، وبوليتكنك فلسطين، والنجاح، وبيت لحم، وبيرزيت، حيث رصدت مؤسسات حقوقية أكثر من 200 حالة اعتقالٍ واستدعاء لدى الأمن الفلسطيني، خلال الفترة المذكورة.

وطالت الاعتقالات والاستدعاءات؛ طلبة الجامعات، بالإضافة لأسرى محررين، ونشطاء سياسيين، تعرّض معظمهم للضرب والإهانة بعد نقل عدد منهم إلى سجن أريحا الأمني، فيما تجاوز عدد المعتقلين في مايو المنصرم، 34 شخصًا، وفق مجموعة “محامون من أجل العدالة”، التي أشارت إلى أن الاعتقالات أتت حسب الخلفية السياسية الحزبية، والعمل النقابي الطلابي، والتعبير عن الرأي.

وجاءت نتائج انتخابات الجامعات الفلسطينية، على غير ما توقعه مراقبون، حيث خسرت كتلة الشبيبة، الذراع الطلابية لحركة “فتح” أمام خصمها السياسي، الكتلة الإسلامية الذراع الطلابية لحركة “حماس”، في أكبر جامعتين بالضفة الغربية (النجاح في نابلس، وبيرزيت في رام الله) غير أنها فازت كما هو متوقع، لكن بفارق ضئيل، في جامعة بوليتكنك فلسطين بالخليل، كما فازت في جامعتي الخليل، وبيت لحم.

الطالب في جامعة بوليتكنك فلسطين (تخصص هندسة حاسوب) طارق عمرو، والذي أفرج عنه في الخامس والعشرين من مايو، بعد اعتقال دام 23 يومًا، أكد أن اعتقاله من قبل جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني جاء على خلفية عمله النقابي كونه منسق الكتلة الإسلامية في الجامعة، مشيرًا إلى أن عناصر أمن بلباس مدني لاحقوه عند مغادرته الجامعة، واعترضوا طريق سيارة أجرة كان يستقلها، واعتقلوه منها.

وبعد 12 يوم اعتقال لدى جهاز الأمن الوقائي، نُقل عمرو إلى اللجنة الأمنية في أريحا، حيث أكد تعرضه للتعذيب، قائلا: “لم يخلُ التحقيق من التعذيب النفسي والجسدي مدة ثمانية أيام في أريحا، ثم صدر قرار محكمة بالإفراج عني، إلا أن جهاز المخابرات العامة بالخليل اعتقلني من داخل مقار اللجنة الأمنية، وأفرج عني بعدها بثلاثة أيام، وأكملت فترة التحقيق حول تهمة واحدة هي العمل النقابي داخل الجامعة”.

وكانت الأجهزة الأمنية الفلسطينية اعتقلت 13 طالبًا من جامعة بوليتكنك فلسطين بعد إجراء انتخابات مجلس طلبتها في السادس عشر من مارس/ آذار الماضي، وفق عمرو الذي أكد وجود استدعاءات أخرى طالت طلبة الجامعة، واقتحام منازلهم ومصادرة أجهزة حواسيب وهواتف.

وحسب لجنة أهالي المعتقلين السياسيين، فقد تخطى عدد الطلبة المعتقلين لدى أجهزة الأمن خلال الثلاثة الأشهر الماضية، 35 طالبًا من مختلف الجامعات، بالإضافة إلى عشرات الاستدعاءات ومداهمات المنازل.

ولاقى أبناء عائلة السخل في نابلس شمال الضفة، الملاحقة الأمنية نفسها عقب انتخابات جامعة النجاح في السادس عشر من الشهر المنصرم، وقال أحد أفراد العائلة، طارق السخل إن الأجهزة الأمنية اعتقلت شقيقه رائد بعد يوم من انتخابات الجامعة، ثم اعتقلت شقيقه مصطفى بعدها بيومين، وطاردت شقيقه أنور.

وبحسب العائلة، فإن جهاز الأمن الوقائي يدعي أنه اعتقل رائد بشكل احترازي حماية له من تخطيط جهات غير فلسطينية تسعى لاغتياله (في إشارة للاحتلال الإسرائيلي)، إلا أن طارق السخل يؤكد أنها حجّة واهية؛ لأن النيابة رفضت الذريعة وأصدرت قرارًا بالإفراج عن شقيقه، ورغم ذلك ترفض الأجهزة الأمنية تسليمه هويّته وهاتفه الشخصي، كما تستمر باعتقال شقيقه مصطفى منذ 18 يومًا دون تهمة توجه إليه.

ولم تتوقف الاعتداءات على عائلة السخل لهذا الحد، فقد اقتحمت الأجهزة الأمنية مساء الخميس الماضي، المحال التجارية للعائلة، بغية اعتقال شقيقهم أنور الذي فر من المكان، فيما صادر الأمن أجهزة تسجيل كاميرات المراقبة من المحال وأغلقتها دون قرار من النيابة، علمًا أن أنور معتقل خمس مرات لدى الأجهزة الأمنية خلال العام السابق.

يبين السخل أن السبب الحقيقي لملاحقته وأشقائه هو ادعاء الأمن الفلسطيني أن شقيقهم نائل الأسير المحرر المبعد إلى قطاع غزة منذ صفقة “وفاء الأحرار” في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2011، يدعم أنشطة تتبع لحركة “حماس” في الضفة الغربية، وبذلك تحاول السلطة الضغط عليه من خلال ملاحقته “كي يدفعوا ثمن مواقف ونشاط شقيقهم”.

تعليقا على ذلك، قالت محامية في مجموعة “محامون من أجل العدالة”، ديالا عايش إن “أكثر من 90 بالمئة من اعتقالات الأجهزة الأمنية مخالفة للدستور الفلسطيني الأساسي، والمواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها السلطة الفلسطينية، لأنها تأتي بدون مذكرات اعتقال من النيابة، وعلى خلفية حرية الرأي والتعبير والانتماء السياسي، وبذرائع غير واضحة تحت بند تلقي أموال من جهات غير مشروعة”.

وتعاملت مجموعة “محامون من أجل العدالة” منذ بدء الانتخابات الجامعية مطلع مارس، مع 88 حالة اعتقال لطلبة ونشطاء وأسرى محررين على خلفية مواقفهم السياسية، وفق عايش، التي أكدت توثيق المجموعة حالات الاعتقال لتقديمها في التقرير اللاحق للعهد الدولي الخاص بحقوق الإنسان المدنية والسياسية، والذي يعرض الشهر القادم، في جلسة مجلس حقوق الإنسان في جنيف.

وبحسب عايش، فإن استجواب الأجهزة الأمنية لمعظم المعتقلين لا علاقة له بالتهم التي توجه لهم، حيث يتم التحقيق معهم على خلفية الانتماء والنشاط السياسي، وتوجه لهم تهم التخابر مع الاحتلال، وحيازة السلاح على سبيل المثال.

وفق حديث المحامية عايش، فإن الأجهزة الأمنية الفلسطينية تحاول شرعنة استمرار الاعتقال السياسي عبر الاستئناف على قرارات الإفراج الصادرة عن النيابة بحجة عدم انتهاء التحقيق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى